الخميس، ٣ أيلول ٢٠٠٩

قوارب الموت


استراليا ألفين (2000) … منفى أوربا … واللجوء

نعم وكما يعلم الجميع لما آلت اليه ماساة الهجرة واللجوء في استراليا انا احد اللذين شد الرحال الى ذلك البلد الغريب بذاته البعيد بصفاته .
في احدى الليالي زرت احد اصدقائي في مكان ما واعلمني عن طريقة للوصول الى استراليا وترسخت تلك الفكرة حتى بدات انازع نفسي واشاطرها مرة ودوامة الفكرة تطاردني في كل زقاق حتى وصلت الى ان اذهب ويشترط في الذهاب جهاد النفس والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والله ولي التوفيق .
جمعت اوراق السفر وبدات استعد لمتابعة القانون للخروج من البلد الذي انا فيه تارتا مستعد للسفر وتارة اخرى اصطدم مع الواقع أي انا منذ عام 1988م في بلد ما كان لدي فيه معارف كثيرة منهم عملت معهم في يوم ما وتربطني معهم صلت رحم فليس بالسهل فراقهم والاصعب من ذلك عائلتي ( زوجتي والبنات سنين وحنين ) حيث كان عمر حنين حينها 15يوما ولكن تجرعت الفراق وعيوني ثكلى وكنت اتصور الامور على ما رسمت بل ابسط من ذلك . بدات اجمع ما لدي من مبلغ واجرد زوجتي واطفالي لكي ابحث لهم عن مامن للعيش حيث بعت كل ما املك حتى تجاسرت يدي وبدون اذن كان احد اولاد عمومتي شريكا لي في سيارة فبعتها وتصرفت بمبلغها وكل ما جمعته لا يكفي ولكن عزمت الرحيل .
اخذت بطاقة السفر يوم 13/7/99 ذهبنا الى المطار وكان في التوديع الاهل جميعا وفي مثل هذه اللحظات كان الجميع يصور لنا اننا قادمون الى انتحار وليس العكس اننا سوف نعيش في دولة لعل احدنا يتعلم منها لينفع به الاسلام لكن ما كانوا عليه هو الصواب ونحن لا نلتفت الى ذلك وعندما قبلت بناتي شعرت اني مذنب امام هؤلاء ولماذا ذلك الفراق .
واين اين العراق ؟
نعم في الساعة الثانية وخمسة واربعين دقيقة ليلا اقلعت الطائرة الى ماليزيا وكان الناس في الطائرة فرحين مبتسمين وعلى ما يرام لكن نحن ؟! نحن من غربة الى اغرب ومن عجب الى اعجب ، بعد ثمان ساعات طيران هبطت الطائرة في ماليزيا حتى اخر الموقف امرونا بالنزول وكانت الصدمة الاولى لنا استقبلونا بنات برقصات كانت دعايه الى محل لبيع الخمور ومعلن تخفيض عن الاسعار فشكينا امرنا الى الله تعالى معي اخي القاريء لنبدا سوية رحلة الاحزان …. من ماليزيا الى اندنوسيا وهنا وجدنا عشرات الاشخاص نساء ورجالا اطفالا وشيوخا تنتظر قوارب الموت !! نعم هي قوارب الموت .
بدات استمع الى تلك القصص التي يتلوها اصحاب السفرات التي سبقتنا وباءت بالفشل مثل قصة السبعة عشر يوم كان قارب صغير لا ينفع للسير في شاطيء ولكن لما مر به الشعب العراقي وضع امامه الموت هو المحطة الاخيرة فلا بد منها نعم ساروا بذلك المركب الصغير ليلا حتى وصلوا الى المياه الاقليمية عطل المحرك وبدات الامواج تدحرجهم تارة شمالا وتارة اخرى جنوبا حتى اسلموا امرهم المطلق الى الباري عز وجل وبداوا بالدعاء ليلا نهارا ودموعهم جارية وحتى من كان لا يصلي ولا يؤدي حقوق الله عاهد الله بعد النجاة ان يكون خالصا لوجهة نعم واوشكت ان تنتهي المواد الغذائية عندهم ومياه الشرب رغم الاقتصاد بذلك فكان ينقل لي فيصل بدر الرميض من بعد انتهاء عشرة ايام بداء قسم من الاخوة لا يتحمل الجوع حتى وضعوهم باعتقادهم باتجاه القبلة وتوتقعوا الكل ينتهي بهذه الشاكلة وعيونهم تنظر الى الباري عز وجل .
واذا بزورق يبعد عنهم عشرات الكيلو مترات وبدا قسم منهم يرفع علامات الانقاذ ادهش اصحاب القارب واخذتهم الخيفة وتوقعوا هؤلاء عصابة تريد سلبهم او ما شابه ذلك وبعد لحظات شاهدوا انهم دحرجوا شيء ما في البحر وطاف حيث تبرع اثنان من القارب للنزول الى البحر لجلب ذلك الشيء لعلة مواد غذائية وتوكلُ على الله وقبل ان يصلوا اليه بدأت الأمواج ترتفع واخذوا لا يسيطرون على انفسهم حتى جاء اجل أحدهم واختفا ويعتقد اصدقاءه هو سمك القرش الذي ابتلعه !! والثاني انحدر حتى لا تراه اعينهم وايضا غاب فبدأ المصاب والصريخ والاستغاثة من الله عز وجل والتوسل بأهل بيت النبوة صلوات الله وسلامه عليهم وأخذ الكل يتوقع نفس ما حدث فبدء الاستغفار المطلق والنذور والاستسلام لا شك ولا ريب حتى أراد الله ان يجعل منهم عبرة لمن اعتبر وفي ليلة السادس عشر وقبل الغروب صرخ (ع. الشويلي) الله اكبر هل تسمع اذان في البحر فصتنت الجميع وكان ما قال (ع) حقا ولا يعرف أحد منهم من أين هذا الصوت فأدركوا ان الخير في هذه البشارة رغم فقدهم أحبتهم الأثنين حيث اصبح العدد خمسة عشر !
ومن ثم أخذت ابصارهم تربوا الى رحمة الباري حيث رأوا خيال لجزيرة في الجانب الأيمن لتجاههم وأخذ بتكسير بعض الواح الخشب من نفس القارب كي ينحدر بهم الى ذلك المأمن ان صح الخبر والرؤيا وأخذ من يستطيع التجريف يعمل لأنقاذ حياتهم كي يستدير القارب وبدء الخيال يصح حقيقة واذا بغابات تقطنها اناس وحوش وحيوانات مفترسة وجانب اخر بعيد فيه تجمع لقوارب …
اتجهوا نحوه واذا بهم الشرطة الاندنوسيا ‍‍‍‍!!
حيث هذه الجزيرة تابعة الى اندنوسيا .
الشرطة ؟ من أين انتم ومن اين اتيتم ؟
قال احدهم نحن سياح يا هذا !! الشرطي .. وهل السائح في مثل هذه الحالة فرأى الشرطي لديهم حالات خطيرة وهم بحاجة الى الانقاذ اخذ الشرطة هناك يقتاد بعضا منهم والبعض الآخر حملوه لا يستطيع المشي على قدميه حتى وضعوهم في مكان وقدموا لهم الأكل والشراب والكل حامدا الله وشاكرا له على كل حال .
نعم احبتي اخوتي القراء … هذه هي قصة قصيرة لما حدث في الهجرة الأخيرة الى استراليا ومن هذه استراليا امام العراق لكن الظلم ساد وهرب العباد الا وهي محطة لفترة وجيزة انشاء الله .
طالت اقامتي في اندنوسيا عشرة ايام وفي كل يوم أرى الموت يأخذ منا مجموعة حتى جاء دور اخا كان صديقا لي وتربطني به صلة رحم ووجدته ايضا هو مقبل على سفر مثلي وكان متعامل مع شخص اخر لوصوله الهدف فجلسنا في شوارع الغربة وحينها انشدت له قصائد انظمتها للوطن ولما مر علينا من مآسي مشتكين بمكانه أهل البيت (ع) الى الله .
واذا بصديقي بعد اللقاء بـ 3 أيام اتصل بي عبر الهاتف الى الفندق واعلمني بان يوم غد أي يوم 23/7/1999 سوف ينطلق مركبهم وسألني الدعاء لوصولهم بأمان نعم احبتي القراء واذا باليوم الثاني تنشر الصحف الاندنوسية عن وقوع حادث مؤسف في الساحل لقارب يحمل 25شخص وتوفي منهم (3) ثلاثة في هذا الحادث حيث كانوا من الاخوة الافغان ( فانا لله وانا اليه راجعون ) .
أما صديقي بعد فضل من الباري عز وجل من الله عليه بالسلامة بعد أن رأى الموت بأم عينيه وسجن على ذمة التحقيق في سجون الشرطة الاندنوسيا وحاول الهروب من السجن بمبلغ دفعه لأحد حراس السجن حتى اطلق سراحه هربا يتهاوى في ازقة وشوارع جاكارتا واعزم على نفسه العودة الى زوجته وطفله الجميل قبل ان يدركه الموت .
في مثل هذه القصص مئات ومئات ولا احتقد يخفا عليكم ذلك .
احبتي القراء الافاضل تعالوا معي لأسرد عليكم ما جرى علينا نخن الـ 140 مائة واربعون عراقي وعراقية شيخ وعجوز وشاب وشابة والأطفال الكل حملنا على اكتافنا الموت منذ أول انطلاقة في الزورق الصغير الى اكبر منه نعم كانت الساعة تشير الثانية بعد منتصف الليل حيث السكينة لدى الجميع حذرين من الشرطة الاندنوسيا رغم الوساطة في ما بيننا والجميع قادم على شيء مجهول لا ندري ماذا بعد ؟
وسارة ما نزعم انها سفينة حتى ان بدأ الصباح والجميع يأمل ان يعرف ما بعد !!
نعم وفي الساعة الثانية عشر من بعد الظهر تصاعد البحر رياحا وامواجا وشاهد الجميع حينها اثنين من سمك القرش يطاردنا السفينة أي يتابع لعلنا نكون غذائا له وأخذ الجميع يتساءل عن سمك القرش نعم كان الكل منا له قصة حكاها لمن حوله والتفتت انظار المستمعين الى القوة الوحيدة للانقاذ الا وهو الله سبحانه وتعالى .
نعم ومرة عشرون ساعة واذا نحن في المياه الاقليمية وتصاعدت الأمواج الله الله ما كان هناك صريخ الاطفال بكاء وعويل النساء حتى استغفر من كان لا يستغفر الله وطلب الجميع من الباري اذا وصلنا بسلام فأننا لتائبون مصلون صائمون ويعلم الله ما في القلوب كان ارتفاع الأمواج يصل الى 7 – 8 أمتار اصوات مسامير ما نزعم سفينة يتعالى فترة بعد فترة والقلوب تخفق هل ستنكسر بنا مثل السفينة البريطانية العملاقة ( تايتانك ) ؟ وهل يعلم بنا أحد لا حشى لله ان نكون هكذا نعم زعامة السفينة بيد نخبة من العراقيين وليس اشخاص اخرين لدينا المهندس والطبيب والفنان الشاعر والكاسب المثقف والامي وتصافح الجميع يدا بيد حتى اتمام الوصول الى الهدف .
واذا بأحد متزعمينا هاتفا المدعوا ( ابو علي ) يا أخوان نرجوا الهدوء ونرجوا من الاخوة الجالسين في خلف السفينة النزوح لمقدمتها لأن السفينة في خطر ما هو الخطر يا ابو علي ؟
بدون قلق او خوف سفينتنا تثقبت من قبل قوة الامواج وسوف اختار من يساعدنا من منكم وارجو من الباقين الجلوس فقط والدعاء لأنه يغير القضاء ولو ابرم ابراما وان شاء الله تعدي على خير اشغل الاخ ابو علي ومن معه ماطورين لأمتصاص الماء الذي دخل الى السفينة وحاولوا ارجاع الخشبة المقلوعة واوقفوا فوقها شخصا يزن 85 – 90 كيلو غرام الحمد لله سيطروا على الحادث وسارت السفينة تملني (8) ساعات ومن ثم جاء المبشر المبشر الا وهو طير النورس حيث علمنا اننا اصبحنا قريبين من جزيرة حتما والبعرة تدل على البعير أي الطير يدل على وجود ارض وان شاء الله تكون خهاية الرحلة .
نعم احبتي القراء الكرام انا لا اوريد ان اوطيل وطنب بالكلام ولكن وجدنا من حيتان واسماك تطير وغير ذلك فحقا كانت سفرة موت كل هذا هو اجرام الانظمة في بلداننا العربية ولا استثني احد منهم وأخيرا وبقوة الباري وصلنا الى جزيرة (اكرسمس) هي أول الأرض الاسترالية وبعد محادثة منع من قبل السلطة في هذه الجزيرة تباحثنا معهم بموافقة الدخول واذنوا لنا فالحمد لله . هذا جزء من اليسير واخفيت العسير .







أبن الخير الله
13 / 7 / 1999
ابو الفرزدق

ليست هناك تعليقات: